الاسرة واحة الأمان !
يُعني الإسلامُ عنايةً عظمى ببناءِ
الأسرةِ وصونِها من أي سهام توجه إليها، ذلكم أن الأسرة قاعدة المجتمع، ومدرسة
الأجيال، وسبيل العفة وصونٌ للشهوة، والطريقُ المشروعُ لإيجاد البنين والأحفاد وانتشارُ
الأنسابِ والأصهار فبالزواج المشروع تنشأ الأسرة الكريمة وتنشأ معها المودة
والرحمة، ويتوفر السكنُ واللباس، إنها آيةٌ من آيات الله يُذكرنا القرآن بها
ويدعونا للتفكر في آثارها وما ينشأ عنها )وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ
مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ
مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21 .
وهي وما يتفرع منها نعمةٌ ومنةٌ ينبغي
أن نشكر الله عليها ) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ
لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ
أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ )
إن الأسرة في الإسلام لوحةٌ مضيئةٌ ومرآةٌ عاكسةٌ
لسمو تعاليم القرآن، وهي شاهدٌ ملموس على علو شأن الإسلام تعجز الأنظمة البشرية
–مهما بلغت- أن تبلغ مبلغه، وأفلست الأديان القديمة والحضاراتُ المعاصرة أن تصل
مستواه، والواقع يشهد بتفكك الأسر وضياع المجتمعات في مشرق الأرض ومغربها حين يغيب
عنها الإسلام أو تضل عن توجيهات القرآن!.
إن الأسرة يفترض بها أن تكون واحة الأمان والاستقرار والسعادة لأفرادها، وأن تكون العلاقات فيها مؤسسة على المودة والمحبة والعطف والشفقة، وأن يحرص فيها كل فرد على سعادة الآخر، سواء في إطار العلاقة الزوجية، أو في علاقة الآباء بأبنائهم، والعكس، أو في علاقة الإخوة بين بعضهم وبعض.
وفي ظل انتشار فيروس كورونا لجأت الدول
إلى تطبيق مبدأ التباعد الجسدي لتقليل فرص انتشار الوباء، وترتب على ذلك بقاء
أفراد الأسرة معا في المنزل لفترات طويلة، وكان لذلك نتائجه المختلفة حول العالم.
إن تداعيات الظروف الحالية تضع الأسر
في سائر أنحاء العالم أمام اختبار حقيقي، يقيسون به مدى صلابة علاقاتهم، ومدى
نجاحهم في تكوين أسرة متماسكة ذات قيم أخلاقية متميزة، وتكشف لهم نقاط الضعف التي
ينبغي لهم معالجتها في العلاقات المتنوعة داخل إطار الأسرة الواحدة.
لقد أطلقت المنظمات العالمية أجراس
إنذار نتيجة تفاقم العنف المنزلي الذي اجتاح بعض الأسر في أزمة كورونا، سواء كان
عنفا نفسيا أو لفظيا أو جسديا، وما ترتب على ذلك من الإساءة إلى النساء والأطفال، وبروز
بعض حالات الطلاق، ووجود بعض سلوكيات العنف المتبادل بين الأشقاء.
إن تكاتف الأسر في هذه الأزمة ضرورة
كبرى للمجتمعات، ليكون الفرد بين أسرته في أمان، ويشعر أنه بينهم في حضن دافئ،
والأرقى من ذلك أن تستغل الأسرة هذه الفترة لخلق مزيد من التقارب والتعاطف بين
أفرادها، والارتفاع بمستوى القيم الإنسانية التراحمية في نفوسهم، حتى لا يرى كل
فرد في الأسرة الشخص الآخر إلا نفسه ذاتها التي يحرص عليها، فتذوب حواجز الأنا
والآخر، ويصبح الجميع كنفس واحدة
إن الواقع يشهد بالعواقب الحميدة لأسرٍ
تجاوزت الخلافات في بداية حياتها، وتغلبت على المكاره والمصاعب أول نشأتها، ومن
يتق الله يجعل له مخرجاً، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، وعسى أن تكرهوا شيئاً
ويجعل الله فيه خيراً كثيراً.
حرر بتاريخ 17- 07 - 2020
تعليقات
إرسال تعليق
شكرا لك على قراءتك ، ويشرفني ان أقرأ تعليقك أيا كان وفقك الله سائلا الله لي ولك التوفيق والسداد.اخوك : خالد