بيئة العمل الصحية ضرورة نفسية وإدارية في منظماتنا المعاصرة
يشهد عالمنا اليوم تحولات متسارعة، وباتت منظماتنا تواجه تحديات معقدة تتطلب حلولًا مبتكرة. وفي خضم هذه التحديات، برزت أهمية بيئة العمل الصحية كعامل أساسي ليس فقط لتحقيق النجاح والتميز، بل أيضًا لضمان الصحة النفسية والرفاهية للعاملين، ودعم مسيرتنا نحو تحقيق رؤية 2030.
لم يعد علم النفس مقتصرًا
على تقديم خدماته للمرضى فحسب، بل أصبح يمتد ليشمل كافة جوانب الحياة المعاصرة،
ومن أهمها بيئة العمل. فبيئة العمل السليمة تلعب دورًا حيويًا في الوقاية من
التعقيدات والعقد النفسية لدى الموظفين في كافة مستويات الهيكل التنظيمي، وتعزيز إنتاجيتهم
وإبداعهم، وتحفيزهم على العطاء والتّطوير.
وتكمن الأهمية القصوى على
مستوى القيادات، فكما يُقال، "إذا صلحت القيادة صلحت المنظمة".
فالقيادات الإيجابية والمُلهمة تُساهم في خلق بيئة عمل صحية تُشجع على الإبداع
والتعاون والانتماء، وتُرسّخ قيم الاحترام والتّقدير والتّواصل الفعّال.
وتُشير الدراسات إلى أهمية
توفير الدعم النفسي في بيئة العمل، فقد أثبتت دراسة أمريكية أُجريت على مجموعة من
الطلاب الجامعيين الأصحاء جسديًا حاجة نسبة كبيرة منهم إلى التحدث مع أخصائي نفسي
لوجود مشكلة أو مسألة يريدون مناقشتها (العيسوي، 2009). وهذا يُسلّط الضوء على أهمية توفير خدمات
الدعم النّفسي لجميع العاملين، ليس فقط لمن يُعانون من مشاكل صحية نفسية، وإنما
كجزء من استراتيجية عامة للعناية بصحتهم النفسية ورفاهيتهم.
ولا يقتصر أثر بيئة العمل
الصحية على الصحة النفسية فحسب، بل يمتد ليشمل أداء المنظمة ككل، حيث أظهرت
الدراسات أن بيئة العمل الإيجابية تُساهم في:
- زيادة
الإنتاجية: أظهرت
الدراسات أن الموظفين الذين يعملون في بيئة صحية وسليمة يكونون أكثر إنتاجية
وإبداعًا (Nielsen et
al., 2017).
- تحسين
الصحة النفسية: تُساهم
بيئة العمل الإيجابية في الحد من التوتر والقلق والاكتئاب، وتُعزز الرضا
الوظيفي (Danna &
Griffin, 1999).
- تقليل
الغياب: يقل
معدل غياب الموظفين عن العمل في بيئة العمل الصحية والسليمة (Hale et al., 2019).
- تعزيز
الولاء للمنظمة: يشعر
الموظفون بالولاء والانتماء للمنظمة التي توفر لهم بيئة عمل داعمة وإيجابية (Meyer & Allen, 1991).
- تحسين
صورة المنظمة: تُعد
بيئة العمل الصحية والسليمة عامل جذب للمواهب والكفاءات، وتُعزز صورة المنظمة
كجهة عمل مرموقة.
وختامًا، يُمكن القول إن
بيئة العمل الصحية أصبحت ضرورة نفسية وإدارية في منظماتنا المعاصرة. فهي لا تُساهم
فقط في تحقيق النجاح والتميز، بل أيضًا في بناء مجتمع سليم ومنتج. لذا، يجب على
كافة المنظمات (الحكومية والخاصة وغير الربحية) أن تُولي هذا الموضوع أهمية خاصة،
وتعمل على خلق بيئة عمل إيجابية وداعمة لجميع موظفيها، لأننا لدينا رؤية تتطلب منا
العمل بجدية من أجل وطن طموح واقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي.
تعليقات
إرسال تعليق
شكرا لك على قراءتك ، ويشرفني ان أقرأ تعليقك أيا كان وفقك الله سائلا الله لي ولك التوفيق والسداد.اخوك : خالد