الثقة بالله !

 



إن الثقة بالله تعالى خلق كريم ، وكنز عظيم، ومنزلة من منازل الإيمان العالية، إذا ظفر بها المسلم ،وصل إلى الراحة والسعادة ، وذهاب القلق والهموم والغموم، وزاد إيمانه وكثر إحسانه .

والثقة بالله: هي اليقين الثابت بكمال الله بصفات الجلال والجمال, وبصدق وعده, وعظيم قدرته, وإحاطة علمه بكل شيء.

 والثقة بالله تعالى : هي اطمئنان قلبي لا يخالطه ريب، وتسليم مطلق لمن يصرف أمور خلقه وحده.

الثقة بالله : هي ألا تسعى في طمع، ولا تتكلم في طمع، ولا ترجو سوى الله ، ولا تخاف ولا تخشى إلا الله ،    

والثقة بالله تعالى : هي معراج وثيق يصل بين العبد وربه، يصل به إلى المحبوبات والمرغوبات، وينجو به من المكروهات والمرهوبات.

 الثقة بالله تعالى : هي صرح شامخ في قلب المؤمن لا تهزه عواصف المصائب والمحن، بل تزيده شموخاً ورسوخاً،  

والواثق بالله يعتقد أن الله تعالى إذا حكم بحكم ، أو قضى أمراً ،فلا مرد لقضائه، ولا معقب لحكمه، فتعلق العبد بخالقه ومعبوده سبحانه وتعالى مطلب من مطالب العبودية لله تعالى، وعلى قدره يكون تأييد الله تعالى ونصره وقربه وعونه لعبده.

والإنسان مهما بلغ من قوة الوسائل في الوصول إلى المطالب والرغائب فإنه ضعيف عاجز؛ لأن الضعف وصف خلقي ملازم للإنسان منذ خلق إلى أن يموت ، قال تعالى:

﴿ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً ﴾ النساء: 28 .

 وهذا يوجب على الإنسان أن يطلب القوة والقدرة على ما يريد من الله القوي المتين سبحانه وتعالى. وأن لا يركن إلى نفسه وقوته؛ لأنه لو فعل ذلك لكان الخسران والخذلان في انتظاره.

والثقة بالله هي السلك الناظم لأمور التديّن بعامّة, وهي الجدار الحافظ بإذن الله لقلب المؤمن من قواصف الشبهات ،وعواصف الشهوات,  

والثقة بالله صفة من صفات الأنبياء؛ فهذا خليل الرحمن إبراهيم -عليه السلام- حينما ألقي في النار كان على ثقة عظيمة بالله؛ حيث قال : “حسبنا الله ونعم الوكيل

فكفاه الله شر ما أرادوا به من كيد، وحفظه من أن تصيبه النار بسوء، قال تعالى:  {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ)  الأنبياء 69.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ﴿ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173].

قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا:  ﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ رواه البخاري ، وفي صحيح البخاري قال (أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ حَدَّثَهُ قَالَ نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُءُوسِنَا وَنَحْنُ فِي الْغَارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَقَالَ « يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا ».

 فالثقة بالله هي سفينة نجاة المتقين, وهي حبل وصول المقربين, وهي سلاح الصابرين في دار الابتلاء والامتحان المبين.

فالثقة بالله: هي نعيم بالحياة، وهي طمأنينة بالنفس، وهي قرة العين، وهي أنشودة السعداء.

ومن وثق بالله نجاه من كل كرب أهمه؛ قال أبو العالية:   إن الله – تعالى- قضى على نفسه أن من آمن به هداه، وتصديق ذلك في كتاب الله قوله تعالى :(وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ)  التغابن .  ومن توكل عليه كفاه، وتصديق ذلك في كتاب الله: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه(  

 قيل لحاتم الأصم: “على ما بنيت أمرك هذا من التوكل؟

 قال: على أربع خلال: “علمت أن رزقي لا يأكله غيري، فلست اهتم له، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري، فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت يأتيني بغتة، فأنا أبادره، وعلمت أني بعين الله في كل حال، فأنا مستحيي منه  [

 وقال ابن مسعود رضي الله عنه: ” ما أعطي عبد مؤمن شيئاً خيراً من حسن الظن بالله تعالى، والذي لا إله إلا هو لا يحسن عبد بالله الظن إلا أعطاه الله عز وجل ظنه، ذلك أن الخير في يده”.

ومن الثقة بالله : ثقة المؤمن أن الله ناصر دينه، وعباده المؤمنين؛ فقد وعد الله بذلك، فقال تعالى : ( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ )

 فإذا كنت مؤمنا بالله، واثقا بوعده؛ فلا تهن ولا تحزن، قال تعالى: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).


حرر بتاريخ 26 - 06 - 2020


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بيئة العمل الصحية ضرورة نفسية وإدارية في منظماتنا المعاصرة

سبعة عشر يومًا… ولقاءٌ غير متوقع مع نفسي

لحظة الانكسار ..!