المشاركات

حين صمتت الضوضاء في داخلي ..

صورة
  لم يكن الصمت هروبًا… كان نضجًا كنت أظن أن الحياة تُقاس بما أقول، حتى أدركت أنها تُفهم بما أسكت عنه في بدايات الطريق، كان في داخلي ضجيجٌ لا يُحتمل أصواتٌ كثيرة تتحدث في الوقت نفسه صوتُ الطموح يصرخ، وصوتُ الخوف يهمس، وصوتُ الماضي لا يكفّ عن العتاب كنت أظن أن الضوضاء علامة حياة، حتى اكتشفت أنها علامة تيه تعلمت أن كثرة الأصوات تُربك البوصلة وأن الإنسان لا يسمع نداءه الحقيقي إلا حين يسكت ضجيج الآخرين في داخله حين صمتت الضوضاء، سمعت أشياء لم أسمعها من قبل… سمعت قلبي وهو يهدأ سمعت صوت إيماني وهو يطمئنني: «لم تتأخر، كل شيء جاء في موعده» سمعت حكمة التجربة وهي تقول: «لقد كبرتَ بما يكفي لتختار سلامك على رأي الناس » أدركت أن الصمت ليس فراغًا، بل امتلاءٌ بما يستحق أن يُقال لاحقًا بهدوء وأن النضج لا يعني أن تفهم العالم أكثر، بل أن تتصالح معه أكثر في لحظةٍ ما، توقفت عن الردّ على كل شيء توقفت عن تبرير نفسي، عن شرح قلقي، عن الركض وراء فهمٍ لا يأتي لم أعد أحتاج أن ينتصر رأيي، يكفيني أن لا يُهزم قلبي حين صمتت الضوضاء في داخلي، تغيّر شكل الأشياء لم تعد خساراتي مؤلمة كما كانت...

منتصف العمر… مرآة لا أزمة

صورة
  يقولون إنها أزمة منتصف العمر وأنا أراها لحظة صدق … حين تجلس مع نفسك أخيرًا بلا مجاملة في العشرين كنت تركض لتُثبت أنك قادر وفي الثلاثين كنت تعمل لتُثبت أنك ناجح أما في الأربعين، فأنت فقط تريد أن تكون مرتاحًا منتصف العمر لا يُخيف، لكنه يُعرّيك تكتشف كم كنت تجامل الحياة، وكم تنازلت لتبدو قويًا تكتشف أن كثيرًا مما سعيت خلفه، لم يكن يستحق حتى العناء وأن الذين صدّقت وعودهم، نسوا حتى طريقك تجلس مع نفسك فتضحك قليلًا، وتتنهد كثيرًا تسأل الله ألّا يعيدك لبداية الطريق، لا لأنك نادم… بل لأنك تعبت في منتصف العمر لا تبحث عن عددٍ أكبر من الأصدقاء، بل عن علاقات أهدأ ولا عن مناصب أكثر، بل عن أعمال أصفى ولا عن متعٍ جديدة، بل عن سلامٍ أعمق تتعلم أن تتخفّف، أن تقول «لا» دون خوف، وأن تمضي دون تبرير تتعلم أن تهتمّ بما يبقى، لا بما يلمع وأن بعض الخسارات كانت رحمة مؤجّلة منتصف العمر… ليس أزمة كما يظنّون إنه لحظة نضجٍ يُنقّيك من الزوائد، ويقرّبك من ذاتك مرآةٌ تُريك حقيقتك بوضوح، بعد أن كان ضباب الحياة يحجبها عنك

مالم تخبرنا به النجاحات ...

صورة
  ما لم تخبرنا به النجاحات كنا نظن أن النجاح طريقٌ مفروشٌ بالفرح فمضينا إليه بحماس العشرينيات، نحمل أحلامنا كما يحمل الطفل لعبته الجديدة ثم اكتشفنا أن الطريق طويلٌ، وأن الفرح فيه مؤقتٌ مثل استراحة مسافر في بداية المسيرة، كنا نركض لنُثبت أننا أهلٌ للفرص ثم نعمل لنُثبت أننا أهلٌ للثناء واليوم، بعد كل هذا الركض، بتنا نبحث عن لحظة صدقٍ نُثبت فيها أننا ما زلنا أنفسنا ما لم تخبرنا به النجاحات أنها لا تمنح الطمأنينة، بل تسلب شيئًا من البساطة كل مرة وأنك كلما صعدتَ درجة، خسرت شيئًا من نفسك في الطريق علّمتنا الحياة أن التصفيق لا يدوم وأن الأوسمة تبهت حين تُعلّق على جدارٍ لا تسكنه راحة الضمير وأن أعظم الإنجازات… تلك التي لم تُكتب في سيرتنا، بل في نفوس من خدمناهم بصمت النجاح ليس صعودًا دائمًا، بل اتزانٌ بعد كل سقوط وليس انتصارًا على الآخرين، بل تصالحٌ مع الذات تعلمنا متأخرين أن الراحة لا تُشترى بالمنصب ولا تُمنح بالثناء، بل تُكتسب حين تُغلق يومك بقلبٍ مطمئن حين تعرف أنك لم تؤذِ أحدًا، ولم تُجامل على حساب ضميرك في منتصف العمر، نفهم أخيرًا أن النجاح لا يعني أن نبلغ القمة بل أ...

العطاء ليس ترفًا… بل ركيزة وطنية

صورة
    في كل مرحلة من مراحل التحوّل الوطني، تبرز قيمة تتجاوز الأرقام والخطط…  إنها قيمة العطاء .  ذاك الفعل الذي لا يُنتظر منه مقابل، ولا يُقاس بحجم الظهور،   بل بصدق النية وأثر الفعل .  وفي زمن تبني فيه المملكة رؤيتها الطموحة 2030، لم يعد العطاء  خيارًا فرديًا أو عملًا خيريًا تقليديًا، بل أصبح مسؤولية وطنية ومؤسسية مشتركة،  تتقاطع فيها الجهود الحكومية والمجتمعية نحو بناء إنسان واعٍ ومجتمع فعّال . تتجلى هذه المعاني بوضوح أثناء مشاهدة فيلم الرسائل    ( Letters from Mother Teresa ) ،الذي يعرض سيرة شخصية    نذرت حياتها للفقراء والمنكسرين، رغم ما كان يعتمل في داخلها   من ألم وصمت روحي .    فالأم تريزا – كما تكشف رسائلها الخاصة –  كانت تمر بمعاناة داخلية عميقة، تشكو فيها شعور الغربة  عن الله، ومع ذلك لم تتوقف عن العطاء، بل زادها الألم   إصرارًا على مواصلة رسالتها . في إحدى رسائلها كتبت :    " في داخلي صمت رهيب… لا أجد الله، لكنني أواصل خدمته في وجوه الفقراء ."    إنها ع...

قيادة حكيمة وتنظيم ناجح في موسم الحج

صورة
  قيادة حكيمة وتنظيم ناجح في موسم الحج بقلم: د. خالد بن عبدالله الهزاع خبير في الجودة والتسويق الاجتماعي في كل عام، تجتمع ملايين الأرواح في رحلة العمر نحو مكة، ليشهدوا أعظم تجمع بشري على وجه الأرض. وسط هذا المشهد المهيب، حيث تتداخل الثقافات وتتدفق الحشود، يبرز إنجاز لوجستي استثنائي يتطلب أعلى مستويات التنسيق والتخطيط لضمان تجربة حج منظمة وسلسة. تحت قيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين حفظهما الله، تحقق المملكة العربية السعودية نجاحًا استثنائيًا في إدارة هذا الحدث العظيم، حيث سخّرت إمكانياتها وكوادرها لخدمة ضيوف الرحمن بما يليق بهذه الفريضة العظيمة . ومن هذا المنطلق جاءت حملة " لا حج بلا تصريح " ، التي لم تكن مجرد إجراء تنظيمي، بل تحولت إلى نموذج متقدم في فن الاتصال المؤسسي، حيث استطاعت أن تنقل النظام من خانة الالتزام الإجباري إلى قناعة مجتمعية راسخة. بفضل التخطيط المدروس والتنفيذ المتكامل، نجحت هذه المبادرة في الحد من الحج العشوائي، وتحقيق أعلى مستويات التنظيم، مما انعكس إيجابًا على جودة الخدمات المقدمة للحجاج، وسهولة أداء المناسك بيسر وسلام . في موسم الحج، لم ...

سبعة عشر يومًا… ولقاءٌ غير متوقع مع نفسي

صورة
  مرت سبعة عشر يومًا… ما بين صمتٍ واكتفاء . صمتٌ ليس لأن ما في داخلي قليل، بل لأنه كثير… لدرجة أني ما عدت أعرف من أين أبدأ . قرأت كثيرًا، استمعت لبودكاستات لا تُشبه غيرها، شاهدت أفلامًا ومسلسلات … بعضها كان مهربًا، وبعضها مواجهة . تعلمت كلمات جديدة بالإنجليزية، وأخرى بالعربية … لكنها لم تكن من القاموس، بل من الحياة . وفي الزاوية الأخرى من هذا المشهد، أفكار كثيرة تتزاحم في رأسي … أمور الحياة، استحقاقاتها، التزاماتها التي لا تنتظر، كلها تطرق بابي بصوتٍ عالٍ، وتحاول سحبي من خلوتي إلى واقعها، حتى وإن كنت أبحث عن هدوءٍ مؤقت ألتقط فيه أنفاسي . كنت أُحادث نفسي وأقول : هل لا بد أن يكون الإنسان متاحًا لكل شيء وفي كل وقت؟ أنا لا أتهرّب… ولكني أحاول أن أستجمع قواي، لأن المواجهة بدون توازن داخلي، ليست شجاعة… بل استنزاف . وفي الزاوية الثالثة، ثمة شيء لا أود الحديث عنه الآن… زعل ساكن، لكنه ساكت . لكن الشيء الحقيقي… ما حدث في يوم عرفة . الحج الأعظم، والموقف الأعظم… وهناك، وجدتني . كأنني كنت غائبًا عن نفسي… وجئت . خلوت في صمتٍ صادق، وقلت لله ما لم أقله لأحد . ما كان حديثًا عابرًا، كان بوحًا من ا...

لحظة الانكسار ..!

صورة
  لحظة الانكسار... مؤلمة ...! لكن لا تجزع.. قد تكون لحظة ترميم للنفس   مثل الأرض المجدبة التي تتشقق قبل أن ينبت منها الزهر، قد يكون هذا الانكسار هو الفرصة التي تنتظرها لكي تمنحك ما تريده   قد يكون هذا الانكسار المنحة التي تمنحك التعافي والقوة احتضن دموعك وانثرها فإنها ليست ضعف، بل هي مؤشر القلب الصادق هي المطر الذي يروي جفاف الروح انها ابجدية القلب عندما تتعلثم الشفاه انها ذبذبات تفهمها الروح بلا صوت   لا تجزَعَنَّ إذا ما الخطبُ أوجعَكم فكمْ بكَسرٍ غدا التّجبيرُ يلتئِمُ و قد يُنعِمُ اللهُ بالبَلوى وإن عظُمَت ويَبتلي اللهُ بعضَ القومِ بالنِّعَمِ