حين صمتت الضوضاء في داخلي ..
لم يكن الصمت هروبًا… كان نضجًا كنت أظن أن الحياة تُقاس بما أقول، حتى أدركت أنها تُفهم بما أسكت عنه في بدايات الطريق، كان في داخلي ضجيجٌ لا يُحتمل أصواتٌ كثيرة تتحدث في الوقت نفسه صوتُ الطموح يصرخ، وصوتُ الخوف يهمس، وصوتُ الماضي لا يكفّ عن العتاب كنت أظن أن الضوضاء علامة حياة، حتى اكتشفت أنها علامة تيه تعلمت أن كثرة الأصوات تُربك البوصلة وأن الإنسان لا يسمع نداءه الحقيقي إلا حين يسكت ضجيج الآخرين في داخله حين صمتت الضوضاء، سمعت أشياء لم أسمعها من قبل… سمعت قلبي وهو يهدأ سمعت صوت إيماني وهو يطمئنني: «لم تتأخر، كل شيء جاء في موعده» سمعت حكمة التجربة وهي تقول: «لقد كبرتَ بما يكفي لتختار سلامك على رأي الناس » أدركت أن الصمت ليس فراغًا، بل امتلاءٌ بما يستحق أن يُقال لاحقًا بهدوء وأن النضج لا يعني أن تفهم العالم أكثر، بل أن تتصالح معه أكثر في لحظةٍ ما، توقفت عن الردّ على كل شيء توقفت عن تبرير نفسي، عن شرح قلقي، عن الركض وراء فهمٍ لا يأتي لم أعد أحتاج أن ينتصر رأيي، يكفيني أن لا يُهزم قلبي حين صمتت الضوضاء في داخلي، تغيّر شكل الأشياء لم تعد خساراتي مؤلمة كما كانت...