مالم تخبرنا به النجاحات ...

 

ما لم تخبرنا به النجاحات

كنا نظن أن النجاح طريقٌ مفروشٌ بالفرح
فمضينا إليه بحماس العشرينيات، نحمل أحلامنا كما يحمل الطفل لعبته الجديدة
ثم اكتشفنا أن الطريق طويلٌ، وأن الفرح فيه مؤقتٌ مثل استراحة مسافر

في بداية المسيرة، كنا نركض لنُثبت أننا أهلٌ للفرص
ثم نعمل لنُثبت أننا أهلٌ للثناء
واليوم، بعد كل هذا الركض، بتنا نبحث عن لحظة صدقٍ نُثبت فيها أننا ما زلنا أنفسنا

ما لم تخبرنا به النجاحات
أنها لا تمنح الطمأنينة، بل تسلب شيئًا من البساطة كل مرة
وأنك كلما صعدتَ درجة، خسرت شيئًا من نفسك في الطريق

علّمتنا الحياة أن التصفيق لا يدوم
وأن الأوسمة تبهت حين تُعلّق على جدارٍ لا تسكنه راحة الضمير
وأن أعظم الإنجازات… تلك التي لم تُكتب في سيرتنا، بل في نفوس من خدمناهم بصمت

النجاح ليس صعودًا دائمًا، بل اتزانٌ بعد كل سقوط
وليس انتصارًا على الآخرين، بل تصالحٌ مع الذات

تعلمنا متأخرين أن الراحة لا تُشترى بالمنصب
ولا تُمنح بالثناء، بل تُكتسب حين تُغلق يومك بقلبٍ مطمئن
حين تعرف أنك لم تؤذِ أحدًا، ولم تُجامل على حساب ضميرك

في منتصف العمر، نفهم أخيرًا أن النجاح لا يعني أن نبلغ القمة
بل أن نصل إلى السلام الداخلي دون أن نفقد شغفنا
وأن نخرج من كل تجربةٍ أنضج مما كنا، لا أكثر شهرةً مما نبدو

ما لم تخبرنا به النجاحات
أن أجمل ما فيها… أنها تُعلّمك كيف تُحب الحياة من جديد
لكن بهدوء هذه المرة
دون ضجيجٍ… ودون خوفٍ من النهاية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بيئة العمل الصحية ضرورة نفسية وإدارية في منظماتنا المعاصرة

سبعة عشر يومًا… ولقاءٌ غير متوقع مع نفسي

لحظة الانكسار ..!