من أجل التنمية الحقيقية ..!!
كنت استمع لكتاب التنمية الاسئلة الكبرى للدكتور غازي القصيبي عبر موقع وجيز للكتب المسموعة والذي ناقش العديد من المحاور الهامة حول مفهوم التنمية الحقيقية مما جعلني اتجه الى قراءة الكتاب؛ حيث يرى القصيبي؛ بأننا ننمّي كي يعيش المواطن اجتماعيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا في مستوى معيشة المواطن في دولةٍ متقدمةٍ دون أن يحتاج إلى تغيير اسمه، ولغته ولباسه وعاداته.
حيث يرى بأن هناك فرق بين مفهوم التغيير والتنمية وكيف ان هناك من خلط بين المفهومين مما ادى الى طمسًا للهوية والثقافة دون إحداث تنميةٍ حقيقية مستشهداً بأول من بدأ بالمأساة كان أتاتورك في تركيا، معتقدًا أن التنمية تعني تغيير هوية تركيا من دولةٍ شرقيةٍ إسلاميةٍ إلى أوروبيةٍ علمانيةٍ، فشنّ حربًا قويةً على التراث الإسلاميّ والتركيّ محاولًا طمس كلّ معالمه، فمنع ارتداء الطربوش، ومنع النساء من ارتداء الحجاب، وألغى الأبجدية التركية ووضع مكانها حروفًا لاتينيةً.
كما استشهد أيضًا بالشاه في إيران، حيث منع الزيّ التقليديّ، وأصدر أمرًا بارتداء القبعة، وأطلق الشرطة في الشوارع لتمزيق العباءات التي ترتديها النساء، كما أمر بتوطين البدو رغمًا عنهم، حتى أنه منع تصوير الجمل معتبرًا أنه يرمز إلى التخلف. ثم تساءل الدكتور غازي سؤالاً يستهجن فيه ما تم هل حدثت التنمية جراء هذه الأحداث؟ طبعًا لا، فما حصل كان تقليدًا أعمى، وطمسًا للهوية والثقافة دون إحداث تنميةٍ حقيقةٍ.
بل أوضح ان
السبب يعلمه القادة الحقيقيون المرتبطون بشعبهم، حيث يرى بأنّ التنمية لا تفرض من
فوقٍ على الجماهير، بل تحتاج إلى صبرٍ وإقناعٍ وعدم تجاهلٍ لعاداتهم وتقاليدهم،
كما لا تستطيع أيّ حكومةٍ أو نظامٍ سياسيٍّ أن يحدد سرعة التنمية، بل الشعب من
يقرر ذلك.
ثم انتقل الى
فلسفة برزت في الثمانينات الميلادية بعد محاولة التنمية من خلال الصناعة واستشهد
بقول الاقتصادي الشهير بول ستري تون ان الناس اصبحوا يرون ان النمو الاقتصادي السريع
وحده لا يكفي بل لابد من تنمية جوانب ثقافية واجتماعية الى جانبه وان النمو هو نتيجة
للتنمية وليس العكس وانه يجب إيجاد ظروف ملائمة للتنمية ثقافية أو اجتماعية او اقتصادية.
بل والبحث عن التقنية الأكثر ملائمة لا الأفضل.
وقد أشار الى أهمية
ان تعي الخطط التنموية حقيقيه مهمة الا وهي ان المجتمع عبارة عن منظومة وحداتها مترابطة
وانه يجب التعامل مع جميع الوحدات في نفس الوقت ونفس المستوى ونستفيد من التجربة
الصينية التي حاولت ان تنقل التجربة السوفيتية الصناعية واهمال الزراعة مما أدى الى
وجود نقص كبير في المنتجات الزراعية مما اضطرها تغيير أولوياتها وتكثف الاستثمار
الزراعي. وأشار الى ان كثير من الدول الأفريقية اهملت الزراعة ونسيت انها باب رزق
لشريحة كبيرة من العمال والمزارعين.
كما أكد على
امر هام يجب الالتفات اليه في الخطط التنموية الا وهو عدم الاعتماد على الخبراء الأجانب
للتخطيط التنموي في القرى والارياف ويعتبر ذلك من أكبر الأخطاء. فهم يمتلكون للعلم
والمعرفة، ولكنهم يفتقرون الى فهم آمال وتطلعات المواطنين. وأشار الى ان من الأخطاء
التي يقعها فيها المخططون الخلط بين الحاجات الأساسية والكماليات.
ودي أقول :
من أجل التنمية الحقيقية وحتى نكون أكثر اقناعا للناس وقبولاً للتنمية وليس التغيير؛ فإننا بحاجة ماسة الى الذهنية التنموية التي تراعي الوضع الراهن والتحديات وتعطى الأولويات لإحتياجات المكان المراد تنميته فليست كل المدن والقرى والهجر بإمكانيات متساوية . والبحث عن الحلول المبتكرة ذات الفاعلية، حتى لو كانت قديمة.
واذا كان يرى الدكتور غازي القصيبي بأن الطريق الى التنمية يمر أولاً واخيراً بالتعليم؛ كما فعلت كوريا عندما الزمت الطلبة بالتعليم قبل انخراطهم بالوظائف .
فأنا أقول ربما أن المطالبة بأن نبدأ بالتعليم يأخذ مسار بيروقراطي يصعب تحقيقه فقد يكون من المناسب ان نرفع وعي المجتمعات بأهمية التنمية بشتى وسائل التعليم والتدريب المتاحة وخاصة ان عصرنا الحاضر عصر وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف صوره، سواء الفيس بوك أو الواتس، وغيرهما من وسائل، أصبحت خلال سنوات قليلة منتشرة في كافة أنحاء العالم، وكافة البيئات صحراوية أو ريفية أو حضرية، وكافة المراحل العمرية بداية من الأطفال إلى الشباب إلى كبار السن، وكافة المستويات العلمية، بل أن كثيرًا من الأفراد الذين لا يستطيعون القراءة والكتابة يمتلكون ويتعاملون مع هذه التكنولوجيا الحديثة، حيث تشير الدراسات إلى نحو 4 مليارات شخص يتعامل مع هذه التكنولوجيا.
الخميس. 24-06-1443 الموافق 27- 01- 2022م
تعليقات
إرسال تعليق
شكرا لك على قراءتك ، ويشرفني ان أقرأ تعليقك أيا كان وفقك الله سائلا الله لي ولك التوفيق والسداد.اخوك : خالد