نعمة وحدة الصف ..!!

 





يقول الله تعالى: (واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور)، و قال سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم)، وقال: (وأما بنعمة ربك فحدث).

لقد منّ الله علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، ولا يمكن أن تستقصى، قال تعالى: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها( ويأتي في مقدمة هذه النعم: نعمة الإسلام والتوحيد. قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا(  وقال ابن القيم – رحمه الله -: “إنّ من لم ير نعمة الله عليه إلا في مأكله وملبسه، وعافية بدنه، وقيام وجهه بين الناس، فليس له نصيب من هذا النور ألبته، فنعمة الله بالإسلام والإيمان، وجذب عبده إلى الإقبال عليه، والتنعم بذكره، والتلذذ بطاعته هو أعظم النعم، وهذا إنما يدرك بنور العقل، وهداية التوفيق” انتهى كلامه رحمه الله.

وقد كان نبينا – صلى الله عليه وسلم – وصحابته – رضي الله عنهم – يقدرون لهذه النعمة قدرها، وكان من هديهم: الاجتماع على حمد الله، والتذكير بنعمة الإسلام وما منّ الله به عليهم.

روى مسلم في صحيحه أنّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خرج على حلقة من أصحابه، فقال: “ما أجلسكم؟” قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومنّ به علينا، قال: “آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟” قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: “أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني، أنّ الله عز وجل يباهي بكم الملائكة”.

ومن النعم العظيمة التي لا تقل أهمية عن هذه النعمة: نعمة لزوم السنة ومنهج سلفنا الصالح، وترك البدع والإحداث في ديننا الكامل، وشريعتنا الصافية الكافية.

قال تعالى مذكرًا بنعمة بعثة رسوله – صلى  الله عليه وسلم -، وما حصل بسببها من خير عظيم وفضلٍ جسيم: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين # وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم # ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم(.

قال قتادةُ ومجاهدُ وغيرُهما: “ما أدري أي النعمتين علي أعظم ، أن هداني للإسلام أو عافاني الله من الأهواء؟”.

ومن النعم العظيمة: التي ذكّر الله بها، وأمر بلزومها، وحث عليها، وحذر من ضدها: نعمة الاجتماع، ووحدة الصف.

قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون)

وقال تعالى: (وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم، ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم)

أي: أنهم اجتمعوا وائتلفوا، وازدادت قوتهم بسبب اجتماعهم، ولم يكن هذا بسعي أحد، ولا بقوة غير قوة الله، فلو أنفقت ما في الأرض جميعًا من ذهب وفضة وغيرهما لتأليفهم بعد تلك النفرة والفرقة الشديدة {ما ألفت بين قلوبهم} لأنه لا يقدر على تقليب القلوب إلا الله تعالى. {ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم} ومن عزته أن ألف بين قلوبهم، وجمعها بعد الفرقة.

ومن النعم ما ينشأ عن الاعتصام بالكتاب والسنة ولزوم جماعة المسلمين والسمع والطاعة بالمعروف لإمامهم من تمكينٍ للدين واستخلافٍ في الأرض وأمن وأمان واستقرار واطمئنان ورغد في العيش وسعة في الرزق.

قال تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون(  وقال تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) أي: بشرك ( أولئك لهم الأمن وهم مهتدون(

وهذه النعم من وعوده سبحانه الصادقة، التي شوهد تأويلها ومخبرها.

وها نحن في هذه البلاد المباركة وفي ظل القيادة الرشيدة نراها غضةً طرية، نسأل الله المزيد من فضله.

وإنّ من تمام النعمة، ومما هو موجب لبقائها: أن نحمد الله ونشكره على التآلف والمحبة واجتماع الكلمة على الخير والتقوى بين الراعي والرعية في هذه البلاد المباركة، في هذا الوقت الذي تلاطمت فيه الفتن في كثير من البلاد الأخرى، حفظ الله بلادنا، ورد كيد أعداءنا في نحورهم.


حرر بتاريخ 18 -11- 2020 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بيئة العمل الصحية ضرورة نفسية وإدارية في منظماتنا المعاصرة

سبعة عشر يومًا… ولقاءٌ غير متوقع مع نفسي

لحظة الانكسار ..!