ما يضير البحر أمسى زاخرا إن رمى فيه غلام بحجر ؟!

 
 
 
       يقول الصيني  لاوتسو تاوتيه كينج: إن أفضل جندي هو الذي لا يقاتل، والمقاتل المتمكن هو الذي ينجح بلا عنف، وأعظم فاتح يكسب دون حرب، وأنجح مدير يقود دون إصدار الأوامر إن هذا ما يسمى بذكاء عدم الهجوم . ونحن في عصرنا الحاضر بحاجة لمثل هذه المعاني الراقية في كيفية التعامل مع الحياة حيث نحن في معركة كبيرة المنتصر فيها من يخرج بدون قتال .
 
 
       لقد اصبحنا نرى جيلاً تنهار قواه مع مواقف الحياة الصعبة ، وهذه طباع يجب ان يتخلص منها الجيل حتى يستطيع ان يواجه الحياة العصرية بكل مافيها من يسر وعسر ، فرغم اننا في عصر التقنية الا ان التقانة جلبة معها الكثير من المشاكل التي يجب ان يلتفت اليها المختصين لكي لانصبح خواء . ان الانسان بطبعة قليل الصبر كثير التشكي لايتحمل ان يؤذيه أحد ، والذي يفيد في هذا الشأن عدة امور هامة منها :
  •  الدربة والتعود على قوة الاحتمال
  • توطين النفس على التعامل مع كافة المواقف خيرها وشرها،
  • ترك الانزعاج العظيم من الشئ الحقير ،
ان تتدرب النفس على اكتساب الخصال التي تزيدها ثباتا ورسوخاً ، فالموظف يتقن عمله بالتمرين ، والاخلاق المحمودة او المرذولة تكتسب حسب الاستعداد، كذلك التعامل مع الحياة ومقابلة الحزن والالم بالابتهاج والسرور، فإ نما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، من يتحر الخير يُعْطَهُ .
 
يقول الدكتور محمد الحمد : النفس بطبعها تهوى الثناء ولو كان بالباطل ، وتنفر من النقد ولو كان بالحق ، وترغب في الاخلاد الى الراحة، وتهرب من الجد والعمل . ويقول موسى بن عبدالله بن علي بن أبي طالب : 
 
اذا انا لم اقبل من الدهر كل مــــا ......... تكرّهت منه طال عتبي على الدهـــــر . 
ووسّع صدري للأذى الانس بالاذى ....... وان كـــنت احــــياناً يضيق به صدري
 
 
وفي الغالب المواقف الصعبة التي تواجهنا في حياتنا متعلقه بالتعامل مع الاخرين وهناك ادوات هامة يجب ان لانغفلها ، حيث ان الله وضع لنا في كتابه الكريم كل مايحقق لنا السعادة في الدارين ، ومنها : يقول الله تعالى في كتابه الجليل " فاصفح الصفح الجميل " الحجر الآيه 85، وقوله تعالى " والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " آل عمران الآيه 134 .
 
 
 وخير قدوة لنا لتطبيق هذه المعاني الجليلة في حياتنا اليومية رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، فبعد أن اشتد عليه العذاب من كفار قريش واخرجوه من أحب أرض الله عليه فما كان جزاهم إلا الصفح والعفو عندما وقعوا في الاسر فقال لهم : " اذهبوا فأنتم الطلقاء " ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب . 
 
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " إلتمس لإخاك عذرا إلى سبعين عذرا " قبل أن تصدر التهم وتحكم على الأخرين دونما دليل بل قدم الأعذار لهم ولا تحكم عليهم بالظاهر فقد يخفي الباطن عذرا قويا يجعله في حالة أنت لا ترضاها .يقول الشاعر :
وتذكر ما يضير البحر أمسى زاخرا إن رمى فيه غلام بحجر ؟!
 
 لا نقف عند كل نقطة وحرف وكلمة فذلك يؤدي إلى تكبير الأمور والإنشغال بأقل أهمية عن الأهم، وانظر إلى البحر المعطاء إذا رميت فيه حجر صغير فأنه لن يتوقف عن العطاء ولا عن التدفق والمرور ، فهذا الرئيس الامريكي ( إبراهام لينكون ) يقول: أنا لا أقرأ رسائل الشتم التي توجه إلي، لا أفتح مظروفها فضلا عن الرد عليها ، لأنني لو اشتغلت بها لما قدمت شيئا لشعبي .
 
 
ودي اقول : 
لسنا وحدنا في هذه الحياة ، ولنفكر خارج الدائرة التي اغلقنا على انفسنا فيها ، وعلينا تهيئة الجيل للتعامل بالشكل المناسب مع واقعهم ، وتسليحهم بالعلم والمهارات الحياتية معاً التي تجعلهم بناة للمستقبل المأمول ؛؛ 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بيئة العمل الصحية ضرورة نفسية وإدارية في منظماتنا المعاصرة

سبعة عشر يومًا… ولقاءٌ غير متوقع مع نفسي

لحظة الانكسار ..!