انا وجدي ...

جدي

كلما حاولت اتصبر عن فقد جدي

صابني في داخلي لوعة وضيم

كأن نفسي حاقده يوم اني بعيد

والله مو بيدي لو بيدي اهيم

آه يايمه .. آه يا بوي آه من شي بالداخل يطيش

هم فيني ضاق بضلوعي ولا عاد به صبر جميل

كنت أقدم إليه القهوة ...

كان يستانس رحمه الله عندما آتيه وأحاول قاصدا ذلك أن آجره إليه الماضي

جــــدي ...

لأن بالماضي يجد نفسه .. مع الماضي كان يتحدث وكأنه يعيش ذلك الماضي بكل تفاصيله

يعيش مع الماضي بكل مافـــيه معاناه والم وكأنه يتحدث عن حياة الرفاهية التي يجب ان يعيشها

الناس في هذا الزمان .

جــــدي ...

عندما كان يتحدث ينصت الجميع له ، لمكانته ، ومهابته ، التي منحها الله له .

جــــدي ...

راوية من الطراز الأول ، عندما تسمع إليه لا تمله أبدا .

عندما تستمع اليه فأنت تستمع لمؤرخ يسرد التاريخ لك سردا ، غير ممللاً ابدأ .

جدي كان عندما يتكلم ويقص لنا التاريخ يعيشنا ذلك الزمان بكل تفاصيله فأنت حين تستمع إليه ، ترى المساكن القديمة بكل تفاصيلها ومواصفاتها ، وترى المزارع بخضرتها ، وترى الناس بملابسهم الزاهية التي كان يصفها جدي وكأنها تضاهي ملابس الموضه في أفخم دور الأزياء العالمية الآن .

كان عندما يروي لنا قصه من القصص كأن تعيش في قلب الحدث من قوة الاسلوب ، وبلاغة في الوصف ، وقوة التصوير للمواقف .

جــــدي ...

عندما كان يتكلم داخل المجلس ينصت الجميع ، اصنات تقدير واعجاب وانبهار ، من قوة بلاغته ، واسلوبه ، ودقة وصفه .

جــدي ...

عندما تراه ، رجل تعدى المائة من عمره ، وتراه ماسكا عصاه ، ملتحفا بشته ، واضعا عقاله على رأسه بيديه ، كان له لبسه خاصة في العقال ، فعندما تراه تذكر الله ، لان ذكر الله على لسانه ، وفي أصابع يده ، وفي نبرة صوته الخافته بذكر الله .

جدي ..

ذات يوم قال لي مستنكرا ، الناس صاروا قليلين ذكر لله ، وكان حديثه لي في ايام عشر ذي الحجة ، يقول : كنا اذا دخلت العشر علينا ، كنا نكبر الله حتى آخر ايام العيد ، نكبر الله في السوق ، وفي البيوت ، وفي الطرق ، ذكر الله على السنة الناس ، وبصوت عاااالي .

جدي ...

تعلمت منه الصلاة ، وكيفية الجلوس في الصلاة وكيفية الوقوف ، وكيفية الاستغفار ، وكيفية ذكر الله على كل حال ، جدي لا يحمل ساعة صناعية بيده ، ولكن لديه ساعة بيولوجيه كانت توقضه على أوقات الصلاة وتنبهه عليها .

جدي ...

توفاه الله وانا في دولة استراليا اكمل دراستي ...

رحمك الله ياجدي .

تعليقات

  1. اتمنى لك التوفيق بالدنيا والاخره وانني سعيد على تصفحي لهذه الجزيرة المدهشة والتي تحمل بجعبتها كلمات صاغها رجلٌ قل مثله في هذا الزمان فإلى الأمام.

    Best regards

    ALNADEM

    ردحذف
  2. لقد رصّيت السطور لنا وبحثت في داخل أعماق فكر رجل فارق الحياة وصعب أو من الغريب أن تلقى من نفس شخصيته في هذا الزمان فلقد رحلوا وخلّدوا ذكرى ستتلاشى مع مرور الزمن .. وشكراَ

    تحيّاتي من

    jeedah
    جـــدة

    ردحذف

إرسال تعليق

شكرا لك على قراءتك ، ويشرفني ان أقرأ تعليقك أيا كان وفقك الله سائلا الله لي ولك التوفيق والسداد.اخوك : خالد

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بيئة العمل الصحية ضرورة نفسية وإدارية في منظماتنا المعاصرة

سبعة عشر يومًا… ولقاءٌ غير متوقع مع نفسي

لحظة الانكسار ..!